قصص قصيرة

كانت مجرد عاملة تنظيف… لكن ما اكتشفته خلف الجدار أنقذ حياة مليونير!

وجدت نفسها جالسة في شقة أختها الكبرى ليلى تحت ضوء مصباح ضعيف تروي كل شيء بصوت متقطع. كانت كلماتها تخرج متشابكة محملة بالخوف والقلق لكنها لم تخف شيئا.
ما إن انتهت حتى شحب وجه ليلى.
قالت بقلق صريح لا لبس فيه
صوفيا هذا العفن قد يقتله. إنه يستنشقه يوميا ساعة بعد ساعة. لا عجب أن الأطباء لم يجدوا شيئا. المشكلة ليست في جسده بل في المكان. يجب أن تخبريه مهما كان الثمن. قد تنقذين حياته.
ظلت كلمات أختها تتردد في أذنيها طوال الطريق إلى العمل في صباح اليوم التالي.
دخلت القصر وهي تشعر بثقل القرار على صدرها. لم تعد خطواتها عادية ولم تعد حركة يديها آلية كما اعتادت. كانت تعرف أن هذه اللحظة ستغير كل شيء بطريقة أو بأخرى.
عندما دخلت مكتب ناثان كان جالسا خلف مكتبه يبدو متعبا لكنه أكثر يقظة من الأيام السابقة. رفعت رأسها واستجمعت شجاعتها وقالت بثبات لم تكن تعرف أنها تملكه
سيدكارتر أعتقد أن جناحك هو سبب مرضك.
رفع رأسه ببطء وقد بدت الدهشة واضحة في عينيه. لم يقاطعها.
تابعت شارحة كل شيء موقع البقعة الرائحة الرطوبة ارتباط تدهور حالته بوجوده في الجناح وتحسنه النسبي حين يبتعد عنه. كانت تتكلم بهدوء لكن داخلها كان يرتجف.
ظل صامتا للحظات. الشك مر على وجهه لكنه لم يكن شكا رافضا بل مترددا.
قال أخيرا
أريني.
قادته إلى الجناح. توقفت عند الزاوية وأشارت بيدها. كانت البقعة صغيرة تكاد لا ترى لمن لا يعرف مكانها. انحنى ناثان اقترب قليلا واستنشق الهواء بحذر.
في اللحظة التالية تراجع خطوة كاملة إلى الوراء.
تغير وجهه.
قال بصوت منخفض يكاد يكون هامسا
يا إلهي كيف لم ألاحظ هذا.
لم يكن السؤال موجها لها بقدر ما كان موجها لنفسه للسنوات التي قضاها هنا دون أن يشك للحظة في أن المكان الذي احتمى به كان مصدر ألمه.
خلال أيام قليلة تم استدعاء مختصين. أغلق الجناحبالكامل. هدم جزء من الجدار وانكشف خلفه ما لم يكن أحد يتوقعه طبقات كثيفة من العفن المتراكم شهور وربما سنوات من الرطوبة المحبوسة تعمل في صمت.
انتقل ناثان إلى غرفة أخرى.
ومنذ الليلة الأولى شعر بفارق واضح. لم يكن الشفاء فوريا لكن العبء الثقيل الذي رافقه طويلا بدأ يخف. استيقظ في الصباح التالي دون ذلك الصداع الساحق ودون شعور الاختناق المعتاد.
نظر إلى صوفيا في اليوم التالي وعيناه تحملان امتنانا صادقا لم تحملهما من قبل وقال
لقد أنقذت حياتي.
لم يكن كلاما عابرا ولا مجاملة. كان اعترافا.
لم يكتف بالشكر. جلس معها لاحقا وتحدث عن تقديره لما فعلته ثم فاجأها بعرض لم تتخيله يوما الالتحاق ببرنامج إداري ممول بالكامل.
قال لها
لديك قدرة نادرة على ملاحظة ما يتجاهله الآخرون. هذا ليس أمرا عاديا ولا يجب أن يضيع.
ومن تلك اللحظة تغيرت حياتها جذريا. درست تعبت تطورت. لم تعد مجرد عاملةتؤدي مهامها بصمت. أصبح ناثان يستشيرها يصغي لرأيها ويثق بحكمتها.
تحولت العلاقة من رسمية صارمة إلى احترام متبادل ثم إلى مساحة دافئة من القرب الإنساني.
كانت هناك دعوة إلى العشاء ثم حديث طويل امتد لساعات ثم اعتراف صادق لم يكن اندفاعا بل نتيجة تراكم طويل من الامتنان والثقة.
ومع مرور الوقت ذابت الحدود التي كانت تفصل بين صاحب العمل وموظفته. لم تختف فجأة بل تلاشت بهدوء لتحل محلها علاقة قائمة على التقدير العميق وعلى إحساس مشترك بأن كليهما أنقذ الآخر بطريقة ما.
وفي صباح هادئ جلسا معا على الشرفة والضوء يتسلل ببطء إلى المكان. أمسك ناثان بيدها وقال بصوت يحمل أثر الماضي كله
لو لم تتكلمي يومها لما كنت هنا.
ابتسمت صوفيا وقالت بهدوء نابع من قناعة عميقة
فعلت ما كان صوابا فقط.
جلسا صامتين يعلمان أن الشجاعة الصغيرة تلك التي تولد من الصدق لا من القوة قادرة أحيانا على تغييرحياة كاملة وربما أكثر من حياة واحدة.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock