قصص قصيرة

اختفت بعد أن أخذت مالي… وعادت يوم زفافي بما لم أتخيّله أبدًا

أو ألم حاد بل كسرا يشبه انفراج عقدة قديمة ظلت مشدودة في صدري لسنوات طويلة كأن شيئا كان يمنع الهواء من الوصول إلى قلبي قد انزاح فجأة تنفست بعمق دون أن أشعر وكأنني أتنفس للمرة الأولى منذ زمن بعيد 
بدا العالم من حولي وكأنه فقد سرعته المعتادة كل شيء صار أبطأ أثقل وأكثر وضوحا في آن واحد الوجوه التي تحيط بنا كانت تحدق لكن ملامحها بدت بعيدة غير مكتملة كأنها لوحات معلقة في غرفة لا تخصني الأصوات خفتت تدريجيا لم أعد أسمع سوى نبض قلبي ونبض قلبها الذي شعرت به حتى قبل أن ألمسها الموسيقى التي كانت تملأ المكان توقفت في ذهني وكأن أحدهم أدار مفتاح الصمت داخل رأسي لم أعد أرى شيئا ولم أعد أستوعب شيئا سوى كاميلا 
كانت تقف أمامي ليست تلك المرأة الواثقة التي نزلت من السيارة الفاخرة قبل دقائق ولا تلك الصورة البعيدة التي رسمتها في مخيلتي طوال سنوات الغياب كانت إنسانة عاړية من الأقنعة بعينين ممتلئتين بالدموع لا تحاول إخفاء ارتباكها ولا تتظاهر بالقوة ولا تبحث عن أعذار كانت تقف كما يقف من وصل أخيرا إلى لحظة الاعتراف بعد رحلة طويلة من الهروب والصمت 
ابتسمت ابتسامة صغيرة متعبة صادقة تلك الابتسامة التي لا تحتاج إلى شرح لأنها تحمل في طياتها كل ما لم يقل كانت ابتسامة تشبه الاعتذار وتشبه الامتنان وتشبه الخۏف من الرفض في الوقت ذاته 
قالت بصوت خاڤت متردد كمن يلفظ كلمات ظلت عالقة في حلقه لسنوات 
أنا آسفة يا ماريانا 
توقفت لحظة قصيرة كأنها تجمع شجاعتها ثم تابعت 
أعرف أنني تأخرت أعرف أن الغياب كان قاسېا وأن الصمت چرحك أكثر مما كنت أتخيل أعرف أنك عشت سنوات وأنت تتساءلين وتنتظرين وتحاولين الفهم دون إجابة لكن كان علي أن أعيده لك في أسعد يوم في حياتك لأن هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي شعرت أنه يليق بالحقيقة وأنه يمنح لحياتي معنى بعد كل ما ضاع 
كانت كلماتها تسقط علي ببطء لا كضربات بل كقطرات مطر على أرض عطشى لم أشعر بالڠضب لم أشعر بالاڼتقام لم أشعر حتى بالحزن كما توقعت شعرت فقط بثقل يخف وبأبواب داخلية تفتح واحدة تلو الأخرى 
بحثت عن كلمات أقولها عن سؤال واحد على الأقل عن جملة تليق باللحظة لكنني لم أجد شيئا كل اللغة خانتني كل الجمل التي تخيلت يوما أنني سأواجهها بها تبخرت لم يبق في داخلي سوى شعور جارف اندفع دفعة واحدة بلا استئذان 
تقدمت خطوة ثم خطوة أخرى ببطء وكأنني أخشى أن تنكسر اللحظة إن أسرعت فتحت ذراعي واحتضنتها كان العناق صامتا طويلا صادقا شعرت بجسدها يرتجف بين ذراعي ارتجافا حقيقيا غير متكلف يشبه ارتجافي تماما كأن كل واحدة منا كانت تحتضن في الأخرى نسخة

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock