قصص قصيرة

فتاة تروي قصة زواجها من رجل بسيط

تزوجت وأنا في الثامنة عشرة من عمري ولم أكمل دراستي الجامعية. كان زوجي رجلا بسيطا في حاله ورغم قلة رزقه إلا أنه كان يعمل بجد وكد في كسب لقمة عيشه بالحلال. كان وحيد أمه وله خمس أخوات وكان عليه تجهيزهن للزواج بحكم أنه الأخ الوحيد. في قريتنا كان من المعتاد أن تشارك الفتاة بنصف تكلفة الزواج وذلك لتخفيف العبء عن الشباب.
على الرغم من قلة رزقه كان زوجي يدخر مبلغا صغيرا كل شهر وكنت راضية تماما بذلك. حتى أنه قبل الزواج أخبرني عن حالته المادية المتواضعة ووافقت على العيش معه في غرفة داخل شقة أسرته البسيطة رغبة مني في دعمه وتحمل المسؤولية معه دون أن أضع عليه ضغوطا إضافية.
ضحكت يومها وكنت أود التحدث معه عن الإنجاب لكنه أضاف
الحمد لله على سعادتنا معا الأطفال سيرزقنا الله بهم عندما يشاء. ثم نظر إلي بحب وكأنه يطمئن قلبي قائلا
لم أشبع بعد من الاستمتاع بك وبقلبك الطيب يا طفلتي الجميلة.
ابتسمت وشعرت بالراحة وقررت تأجيل أمنيتي في الإنجاب حتى لا أعكر عليه صفو حياته. بعد زواج الأخت الأولى تقدم عريس للأخت الثانية وبدأ زوجي في تجهيزها أيضا. مرت السنة الثالثة ثم الرابعة وكلما شعرت بالحزن كانت أمي تقول لي
اصبرييا ابنتي زوجك رجل أصيل وأمه طيبة رزقه محدود ومسؤولياته كبيرة. لا تحزني سيعوضك الله ولا تتعجلي ما زلت صغيرة.
تابعت حياتي بالصبر والرضا منتظرة أن يأتي الڤرج من الله.
قبل الزفاف بأيام جاءت حماټي وسألتني
لماذا لا أراك تتجهزين لارتداء فستان جديد
أجبتها بابتسامة وقلت وأنا أربت على يدها
لا أريد أن أحمل زوجي المزيد من الأعباء يكفي عليه ما يتحمله من مسؤوليات.
نظرت إلي بحنان وقالت
سيعوضك الله يا ابنتي بكل الرضا جزاك الله خيرا وكتب لك الخير والبركة.
في تلك اللحظة دخل زوجي يحمل كيسا وأعطاني إياه قائلا بابتسامة
هذا زي جديد اخترته لك بنفسي وادخرت ثمنه دون أن أخبرك. ما رأيك
ضحكت بفرح وارتديته على الفور وكان جميلا بالفعل. تزوجت الأخت الثانية بعد ذلك وتمت خطوبة الأخت الثالثة وبدأ زوجي من جديد في تجهيزها لكن في يوم من الأيام جاء إلى المنزل والحزن باد على وجهه.
لاحظنا جميعا التغير في ملامحه فسألته أمه بقلق
ماذا حدث يا ولدي
أجاب بحزن لم نعتده منه
رئيس العمل استغنى عن نصف العمال في الشركة اليوم لإنقاذها من الإفلاس وكنت من بينهم.
سكتت الأم ونظرت إلينا بحسرة والأخت التي كانت تستعد للزواج شعرت بالقلق. قلت بهدوء
الله هو الرازق كما رزقنا في الماضي سيرزقنا في المستقبل.
لم يعلق وقد بدا أن الحزن قد تغلغل في قلبه فانسحب إلى الغرفة. همست حماټي والدموع تملأ عينيها
يا حسرتي على وجعك يا ولدي.
قلت لها بثقة
لن يتركنا الله.
كنت حينها قد تعلمت الكثير من مهارات الطهي من حماتي وأخوات زوجي

اللاتي تزوجن وانتقلن إلى بيوت أخرى. اقترحت على حماتي أن نبدأ مشروعا بسيطا في الطهي لزيادة دخلنا ووافقت على الفور. وبالفعل بدأت حماتي وأخوات زوجي يساعدنني في المشروع. وعندما جمعت مبلغا لا بأس به أعطيته لزوجي ليساعد في تجهيز أخته للزواج.
في ذلك اليوم زوجي وقال
منذ عرفتك وأنا أعلم أنك بنت أصل. أدامك الله لي.
تزوجت الأخت الثالثة وحصل زوجي على وظيفة أفضل من سابقه براتب ثابت. مرت ست سنوات على زواجنا دون أن أشعر مرة واحدة بأعراض الحمل. في إحدى الأمسيات جلس بجانبي وقال بتردد
أريد أن أخبرك بشيء لكن أخشى أن تفهميني بشكل خاطئ. 
أحسست بالقلق وسألته بسرعة
ماذا هناك
أجاب
ألا ترغبين أن نذهب إلى طبيبة نساء لنتأكد من سبب تأخر الحمل
قاطعته بحماس
أتمناها من كل قلبي كنت أنتظر هذا اليوم.
ذهبنا بالفعل إلى الطبيبة وبعد إجراء بعض الفحوصات لي وله عادت الطبيبة بنتائج غير متوقعة. قالت
لديك مشكلة قد تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تحملي.
ثم ألقت نظرة على مظهرنا البسيط وأضافت
لكن العلاج مكلف وسيستغرق شهورا وربما سنوات.
تسلل اليأس إلى قلبي ولكن زوجي قال بحزم
لا مشكلة متى يمكننا البدء بالعلاج
أجابت الطبيبة
يمكننا البدء في الأسبوع القادم بشرط أن تأخذي قسطا من الراحة مع العلاج لتحصلي على أفضل النتائج.
بناء على توجيهاته توقفت عن العمل في طهي الطعام للناس حتى أتمكن من الراحة اللازمة. زوجي من جانبه بدأ في العمل بوظيفة إضافية إلى جانب وظيفته الأساسية ليتمكن من تحمل تكاليف العلاج وتجهيز الأخت الرابعة والخامسة للزواج.
مرت أربع سنوات أخرى من العلاج دون أي نتيجة. خلال تلك السنوات زوج زوجي الأختين ووصل عمري إلى ثمانية وعشرين عاما. جربنا كل الطرق الممكنة للإنجاب وزرنا أكثر من طبيب وطبيبة.
وفي نهاية المطاف كان الحل الوحيد الذي قدمه الأطباء في تقاريرهم هو اللجوء إلى الحقن المجهري وكان هذا هو الخيار الأخير الذي يمكن أن يحقق لنا حلمنا بالإنجاب.
كان ثمن الحقن المجهري باهظا ولم نكن نعلم كيف سنوفر تكاليفه. شعرت باليأس التام وبدأ الحزن والاكتئاب يظهران على ملامحي لأنني كنت أعلم مدى صعوبة وضعنا المالي.

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock