
نير-ان الحسد للكاتب/ أحمد محمود شرقاوي
وعرفت إنه نوع من أنواع السحر المرتبط بالدم، وإني مينفعش أرفض لأي سبب من الأسباب، وإن هيكون ليا شأن كبير والناس هتعملي ألف حساب ويمكن أكتر منها كمان، ولما فكرت حسيت بالإثارة، فكرة إنك تبقا قوي وتقدر تأذي أي حد يفكر بس يأذيك هي فكرة مثيرة جدًا للخيال وللعقل، عشان كدا وافقت..
ولقتها طلعت كتاب قديم أوي، وجرحتني في صباعي وغرقت جلدة الكتاب بدمي وبعدها خدت نقطتين دم وحطتهم في عيني زي القطرة، وبدأ تقول طلاسم غريبة أوي، وفهمتني إن طاقة عيني دلوقتي بقت عبارة عن بركان من النار، وعرفتني المناطق الحيوية في جسم الإنسان، لو عاوزاه يفشل هركز مع عقله، لو عاوزاه يمرض هركز مع قلبه، ولو عاوزاه يموت هركز مع روحه، ولازم عنيا تكون مسلطة وجاحظة وقتها واستشعر وجود الشيطان حوليا واستعين بيه..
وكمان لازم أورث الأوضة دي وأقدم فيها قرابين عبارة عن قط أسود كل سنة مع طق-وس شي-طانية وكأني هعبد الش-يطان، والمقابل هيكون كبير أوي، وهو إني أتحكم في الناس وأنغّص عليهم حياتهم واتسبب لهم بأذى شديد، وتاني يوم بس صحيت لقيت أمي مرمية على الأرض ومتحللة، متحللة كأنها ميتة من شهور مش من ساعات..
وبعد دفنتها الناس بدأوا يتجاهلوا زيارتنا، بل وكتير منهم تاب وطلع سُمعة على أمي إنها كانت ساحرة وشي-طانة وملعونة، وكترت الإشاعات أكتر واتقال إن فيه تعابين بتخرج من قبر أمي كمان، عشان كدا كان لازم أعاقبهم عقاب شديد، وأخليهم يندموا على كل اللي قالوه ده..
خرجت يومها متخفية ووقفت في طريق المدرسة، وركزت على قلوب الأطفال، حسيت إني شيطانة رجيمة واقفة وعاوزة تتغذى عليهم وتنهشهم بسنانها، حسيت إن عنيا بتلمع وطاقة شر رهيبة جوايا..
وتاني يوم مرض أكتر من ٢٠ طفل مرض شديد أوي، وبدأ الكلام ينتشر إن ده بسبب كلامهم عن أمي، ولازم يرجعوا يتوددوا من بنتها اللي هي أنا من تاني، وكلها أيام وبقا البيت مزدحم من كتر الستات، هدايا وفلوس وعطايا ملهاش أول من آخر، وفضل الحال ماشي وقت طويل أوي، لحد ما بدأت اشتهي وجود راجل في حياتي زي كل الستات..
وقدرت أوقع راجل بسهولة بعد ما هددته، واتجوزته في النهاية، وعشت زي كل الستات بس كانت ليا السلطة عليهم وعلى جوزي، لحد ما ظهرت الحاجة حليمة، ست كانت من أهل البلد بس طول عمرها عايشة برا وكانت لسة جاية من الحج، وبدأ يوصلني كلام إن كل ما واحدة تقولها تيجي تكسب ودي تقول إن ده حرام وإني ملعونة وإن النافع والضار هو الله..
لدرجة إن فيه ستات كانوا بيصدقوا كلامها وده اللي خلاني أولع من جوايا، روحتلها في مرة وحذرتها بس مهتمتش وفضلت على حالها تنصح الستات بالبعد عني، وقتها بس قررت أعاقبها، كان ليها بنت متجوزة ومخلفة وشاب عايش معاها أعزب، اترصدت بيهم لحد ما بنتها جتلها في مرة زيارة ومعاها ابنها الصغير، وقتها ركزت معاهم بعنيا، تخيلت إني بحرق الاتنين حرق، والنار بتاكل في روحهم من جوا..
مفيش أيام وجالي خبر إنهم عملوا حاد-ثة وماتوا الاتنين، بس الست قالت قضاء وقدر، ومتعظتش من اللي حصل، وفضلت على موقفها معايا، عشان كدا ركزت مع ابنها ومع قلبه، ووقع مريض بمرض خبيث لأكتر من ست شهور، كنت بسمع صرخاته الموجعة من آخر الشارع..
وفضلت الست زي ماهي، على نفس موقفها، لحد ما قررت أركز معاها، خلتها واقفة قدام البيت وركزت مع روحها، وقتها جت ست وشوشتها في ودنها، وبصت ناحيتي، بصت وكل اللي قالته:
ـ اللهم اجعل كيدهم في نحورهم وتدبيرهم في تدميرهم..
قالتها بحرقة، بقهر، لدرجة إني اتهزيت ودخلت بيتي بسرعة، وحملت، حملت وقتها ومكنتش مصدقة، لأني فضلت وقت طويل عقيم، وفي شهري التاسع مكنتش برضه موقفة شغل، قررت أعاقب واحدة ست حامل امتنعت عن الدفع فركزت مع بطنها عشان تخلف معاقين، وراجل تاني شتمني مرة ركزت مع رجليه عشان يتقطعوا في حادثة..
وبعد يومين بس، انقلب السحر على الساحر، جوزي فيه جرار عدى على رجليه الاتنين وقطعهم، وخلفت تلاتة توأم كلهم معاقين، وبقيت مطالبة أشيل مسؤولية ٤ أفراد، ولما الخبر وصل لأهل البلد امتنعوا عن الدفع، وقالوا اتحرقت بنارها خلاص، عشان كدا قررت أح-رق حليمة خالص، وركزت معاها يوم كامل، وأول ما دخلت المطبخ النار مسكت فيا واتشوهت تمامًا مش هي، وشي اتفحم وجسمي اتسلخ، عشت ٤ سنين بعدها مسلوخة وجسمي بيتحرق كل ليلة بالنار، نار الحسد..
عرفت إن العرافة دي وكيلة للشيطان، وإن الحاسد صديق للشيطان، عشان كدا أمي عملت عهد تبقا صديقة للشيطان، تحسد الناس على أي نعمة، وبداية الموضَوع كان حقدها أصلًا على ضرتها، وكان لازم وريث وأنا ورثت، ورثت وحقدت على الناس أكتر وأكتر، كنت بأذي اللي معاه فلوس، اللي ابنه ناجح، اللي سعيد مع مراته، عشت أحسد فيهم وفي النهاية اتحرقت بالنار، نار الحسد، ولادي التلاتة ماتوا من الإهمال وجوزي هرب رغم رجليه المقطوعة..
روحت أعيش في المقابر مستنية لحظة موتي، اللحظة اللي جسمي فيها هيتحلل وهروح لنار جه-نم، نا-ر جه-نم اللي هدخلها بسبب الحسد..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ
بقلم/ أحمد محمود شرقاوي





