روايات

 حكايات اسما السيد

أعدّي من جنب الشخص اللي كنت سامعة بيهمس وبيترجّى حد بالليل، وأتعامل وِدّان قلبي مش فارتحة.

كان في فرصة واحدة أسأله، وإحنا بنشرب قهوة بعد الفطار.
قلت:

“إنت صحيت بالليل امبارح، صح؟”

رفع عينه من فوق الكوباية:

“إيه اللي صحّاك؟”

رديت بنفس الهدوء:

“سمعت صوت.”

سكت لحظة، وبعدين قال بصوت ثابت بشكل مستفز:

“يمكن من الشارع.”

“لا، كان صوتك… وكنت واقف عند الباب.”

كوباية القهوة فضلت معلّقة في إيده، ما شربش.

عينه اتشقلبت لحظة… وبعدين حط الكوباية على الترابيزة بهدوء شديد.

“إنتِ قمتي من سريرك؟”

هنا الخوف بجد بدأ.

قلت:

“لأ.”

بص لي… كأنه بيدوّر في ملامحي على كذب.

وبعدين أخد نفس طويل وقال:

“زينة… إحنا اتفقنا قبل الجواز. بعد الساعة اتنين… ما تقومي من مكانك، ما تفتحيش باب، ما تسأليش عن أي صوت. وأنا هِفَسَّرلك… بس مش دلوقتي.”

رديت ببرود ظاهري يخبي رعشة جوا جسمي:

“إمتى بقى؟”

قال:

“لما أكون متأكد إنك تقدري تسمعي.”

عدّى أسبوع… وبدأت ألاحظ حاجات ما كنتش شايفاها قبل كده.

كل يوم اتنين بالليل، هاشم بيتغيّر.

من بعد العشا، يسكت أكتر من المعتاد، عينه تزوغ من الساعة كل شوية، يفتح الموبايل، يقرأ رسالة، يقفله… يرجع يفتحه تاني.

ما يحبش حد يبعتله على الواتس في اليوم ده، ولو رنّ تليفونه قدّامي، يقطع المكالمة من غير ما يبص حتى على الشاشة.

وفي كل مرة ييجي اتنين… أفتكر الباب المقفول في الممر، وحواره الليلي عند باب الشقة.

قلبي كان عامل زي جرس إنذار ما بيسكتش.

ماما لاحظت صوتي المتوتر في تليفون.

في مرة سألتني:

“مالك يا زينة؟ صوتك مش عاجبني.”

قلت لها وأنا بحاول أضحك:

“مفيش يا ماما، لسة بأتعود على الجواز.”

قالت الجملة اللي كل الأمهات بيقولوها:

“كله بأوّلُه. الراجل أول الجواز بيبقى متخافيش منه، لو فيه عيب كبير كان بان.”

ما عرفتش أقولها إن العيوب الكبيرة ما بتبانش…

هي اللي بتستخبى ورا باب مقفول.

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock