قصص قصيرة

الوصيّة المخفيّة: حين قلبت رسالة واحدة إرث العائلة رأسًا على عقب

أنت لديك حياتك الخاصة صحيح أنت عدت إليها الآن. إذا كل شيء تمام أليس كذلك
لم ترتجف نبرتها ولو للحظة.
حدقت في الظلام خلف النافذة أحاول فهم ما حدث.
هل كانت أمي ترى أنني لا أستحق شيئا
هل كان كل ما فعلته من أجلها بلا معنى
مستحيل لا يمكن أن يكون هذا ما أرادته.
نعم كان لدي عملي وشقتي لكنني تركت كل ذلك لأعتني بها.
أنا التي سهرت معها عندما كان نفسها يضيق والتي غسلت شعرها في الحوض لأن الحوض الكبير صار خطړا عليها.
ذلك لم يكن حياة.
ذلك كان حبا.
مرت أسابيع وحاولت إقناع نفسي بالمضي قدما.
ربما رأت أمي أن كيتلين تحتاج المال أكثر.
ربما ظنت أنني الأقوى.
لكن حتى القوة لها حدود وحدودي بدأت تتشقق.
وفي أحد الأيام وصلتني رسالة من صديقة للعائلة ما تزال تعيش في شارعنا القديم
هل علمت البيت سيوضع للبيع. سيهدمونه يا آنا.
ظننت للوهلة الأولى أنني قرأت خطأ.
أعدت القراءة. مرة. مرتين.
هدم!
أيمكن أن تسوى ذكرياتنا بالأرض
الأرجوحة التي كنا نشرب عندها عصير الليمون مساء الصيف
المدخل الذي يحمل علامات طولنا من الروضة حتى الثانوية
كرسي أمي قرب النافذة يعلوه كارديغانها الرمادي الناعم
تسارعت أنفاسي وشعرت وكأن الأرض انزلقت من تحتي.
وضعت الهاتف ببطء.
لم أشعر بالڠضب بل بشيء أعمق.
شيء حاد وقوي ويحمي.
لن يذهب البيت.
لن أسمح بذلك.
بتلك الليلة فتحت دفاتري المالية. جمعت كل قرش. سحبت من مدخرات الطوارئ التي وعدت نفسي ألا ألمسها إلا في أشد الأزمات.
حتى إنني عرضت بعض الحقائب الثمينة للبيع.
وبحلول الفجر كنت قد جمعت المبلغ.
أرسلت لكيتلين عرضا.
وردت بعد خمس دقائق
نقدا ممتاز! أنت تساعدينني يا آنا!
كانت تلك الجملة مؤلمة أكثر مما توقعت.
لكنني التزمت الصمت وحولت المال.
في اليوم الذي استلمت فيه المفتاح وقفت طويلا على الشرفة قبل أن أفتح الباب.
كأنني كنت أنتظر صوت أمي يناديني
من المطبخ
أغلقي الباب بسرعة يا حبيبتي! سيدخل الهواء البارد!
لكن الصمت كان ثقيلا.
دخلت.
كان الهواء داخله يابسا ساكنا لكن الذكريات كانت صاخبة.
أغلقت الباب وأسندت ظهري إليه ثم انزلقت إلى الأرض وبكيت كما لم أبك منذ جنازتها.
كان ورق الجدران يتقشر الأثاث مغطى بملاءات مغبرة والرائحة خليط من الخشب المعتق والزهور الذابلة وشيء معدني لا أعرفه ربما من المواسير. أو من الحزن.
مشيت في كل غرفة بهدوء كما لو أن شيئا مقدسا يسكن البيت.
استأجرت فريقا صغيرا للبدء بالترميم. لم أرد تغيير البيت أردت فقط إنقاذه.
كنت أريد أن تنظر أمي إلينا من السماء وتبتسم.
كان مايكي المقاول لطيفا دون مبالغة صاحب حس خفيف وصمت مريح. لم يسألني شيئا عندما وجدني جالسة في خزانة أمي أبكي.
وفي اليوم الثالث كنت أسكب القهوة حين سمعت صوته يناديني من الممر
آنا يجب أن تري هذا.
ذهبت إليه. كان راكعا على الأرض وقد رفع السجاد وكشف الألواح.
رفع رأسه نحوي وفي يديه ظرف رقيق مائل إلى الاصفرار هش عند الأطراف..
اسمي مكتوب على المقدمة بخط أمي.
أخذته بكلتي يدي وكأنه قد يتحلل بين أصابعي.
كانت رائحته مزيجا من ماء الورد والغبار.
فتحته بأصابع مرتجفة.
في الداخل رسالة. ووصية.
وصية أمي الحقيقية بتاريخ يسبق تلك التي أرسلتها كيتلين بثمانية أشهر.
وهذه كانت تقسم كل شيء مناصفة بيننا بوضوح لا لبس فيه.
وموقعة.
وموثقة.
كان توقيع أمي هو نفسه الذي زين بطاقات أعياد ميلادي وتصاريح المدرسة وملاحظاتها الصغيرة لي.
كان خطها لا شك.
نسخة كيتلين لم تكن خطأ فقط بل كانت مزيفة.
تسللت الدموع إلى عيني وارتجفت الورقة بين يدي. شعرت بالخيبة لكن الأعمق كان الڠضب.
اتصلت بالمحامي السيد بنسون خلال ساعة.
مرحبا أنا آنا ابنة مارلين. وجدت وصية أمي الحقيقية. كيتلين أعطتني نسخة مزورة وأحتاج مساعدتك.
سألني هل أنت متأكدة
قلت وجدتها تحت الأرضية

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock