
قـال عنـها خـادمة مجنـونة ولـم يـكن يـعلم مـن أنـا
وصلتُ إلى منزل أختي إلينا مساء يوم جمعة دون إنذار. كنت قد قدتُ السيارة من فالنسيا بعد أن تلقيت رسالة مقلقة من أحد جيرانها:
«في حاجة مش طبيعية. لو تقدري تيجي بسرعة.
عندما ضغطتُ جرس الباب، لم يجبني أحد. كان الباب مواربًا قليلًا، فدفعته إلى الداخل… فتوقّف نفسي.
كانت إلينا نائمة على عتبة الباب.
ملتفة في ملابس بالية ممزقة، شعرها متشابك، يداها متّسختان..متــوفرة عــلي صفحـــة روايــات و اقتباســات.. لم أكَد أتعرف عليها. هذه أختي—المهندسة المعمارية اللامعة التي تخلّت يومًا عن مهنتها من أجل الحب.
من داخل المنزل، سمعتُ ضحكًا عاليًا وموسيقى صاخبة. خرج رجل إلى الممر. دانيال. زوجها.
من دون أن ينظر إليّ قال ببرود للمرأة الشقراء التي خلفه، وكانت ترتدي فستانًا أحمر:
«ما تقلقيش يا حبيبتي… دي بس الشغّالة المچنونة.»
ضحكت المرأة.
لم أصرخ. لم أبكِ.
تقدّمتُ خطوة إلى الأمام.
ساد الصمت.
تعرفا عليّ فورًا. شحب وجه دانيال. اختفت ابتسامة المرأة. تحرّكت إلينا قليلًا، تستيقظ بأنين خاڤت.
قلتُ بهدوء:
«مساء الخير… إنت دانيال، صح؟»
ابتلع ريقه وقال متلعثمًا:
«إنتِ… إنتِ مين؟»
قلت:
«اسمي كلارا مورينو. أخت إلينا الكبيرة. وكمان المحامية اللي راجعت عقد شراء البيت ده.»
رفعتُ هاتفي، وفتحتُ مستندًا. اشتدّ فك دانيال. تراجعت المرأة خطوة إلى الوراء. حدّقت إلينا بي وكأنها ترى شبحًا.
تابعتُ بهدوء:
«البيت ده مش ملكك. هو تابع لشركة أنا بمثلها. نفس الشركة اللي موّلت مشروعك الفاشل لما محدش غيرها وافق متــوفرة عــلي صفحـــة روايــات و اقتباســات..بشرط واحد واضح: إن أختي تتعامل بكرامة.»
حاول دانيال أن يضحك:
«إنتِ مكبّرة الموضوع. إلينا تعبانة نفسيًا. وأنا اللي باهتم بيها.»
انحنيتُ وغطّيتُ إلينا بمعطفي، وقلت:
«بتسمي ده اهتمام؟»
همست المرأة في توتر:
«دانيال… إنت قلتلي إن كل حاجة تحت السيطرة.»
نظرتُ إليهما وقلت:
«مفيش حاجة تحت السيطرة. من الليلة دي، كل حاجة هتتفك.»
وضعتُ ملفًا مختومًا على الطاولة.
إخطارات إخلاء. تقسيم أصول. شكوى رسمية بالإساءة الاقتصادية والنفسية.
تراجع دانيال خطوة إلى الوراء. كان الصمت حاسمًا. في تلك اللحظة، أدركا أنه لا مفرّ.
لم أرفع صوتي أبدًا.
الهدوء كان سلاحي.





