روايات

حين أدركت الحقيقة كاملة

هناك لحظات محددة في الحياة تغيرك إلى الأبد في غمضة عين. إنها تلك اللحظات الصاډمة التي ينهار فيها كل ما كنت تظن أنك تعرفه عن عالمك أمام عينيك تاركا إياك واقفا وسط الحطام.
اسمي جوزفين بيل وكنت امرأة في الرابعة والثلاثين من عمري أؤمن حقا أنني أعيش حياة مثالية. كنت متزوجة منذ ثماني سنوات وأملك منزلا جميلا في حي هادئ على أطراف المدينة. كان لدي جيران أعتبرهم أصدقاء مقربين. كنت أعمل كمقيمة مطالبات في شركة تأمين كبرى وكان روتيني اليومي منتظما ومريحا وآمنا.
في ذلك الصباح اندفعت خارجة من المنزل في حالة من الهلع كعادتي. أما زوجي جاكسون سكوت فبقي في مكتبه المنزلي كما كان يفعل طوال الأشهر الماضية.
أراك الليلة يا عزيزتي صړخ جاكسون من مكتبه بينما كنت أغلق الباب الأمامي. لم يخطر ببالي أبدا أن تكون تلك آخر كلمات طبيعية نتبادلها.
ما كنت على وشك اكتشافه عند عودتي لم يكن ليدمر زواجي فحسب بل سيغير نظرتي لنفسي إلى الأبد. كانت حياتي أشبه بآلة محكمة الصنع دقيقة ومنظمة وخالية من المفاجآت. كل صباح في السادسة والنصف كنت أحضر القهوة بينما يستحم جاكسون. كنا نتناول الفطور معا ونشاهد نشرة الأخبار الصباحية.
ذهبت إلى العمل بالسيارة بينما بقي هو في مكتبه المؤقت في غرفة الضيوف. كنا نسكن في منزل من طابقين في حديقة منسقة بعناية تسمى كيس. اخترت كل قطعة أثاث وكل لون طلاء وكل تفصيل زخرفي بعناية فائقة تكاد تكون هوسا. كان ملاذي المكان الذي أشعر فيه بأقصى درجات الأمان في العالم.
كان الجيران بمثابة عائلة وخاصة كارولين كولينز التي كانت تسكن في الجهة المقابلة من الشارع مع زوجها لينكولن وطفليهما الصغيرين. توطدت علاقتي بكارولين منذ انتقالهم إلى هنا قبل ثلاث سنوات. كنا نجلس معا لشرب القهوة أيام الأحد ونتبادل المكونات أثناء تحضير العشاء. كنت أسقي أزهارها عندما يسافرون في إجازة.
وثقت بها ثقة عمياء. وثقت بجاكسون ثقة عمياء. وثقت بحياتي ثقة عمياء. ستتبين أن تلك الثقة العمياء كانت أكبر أخطائي وفي الوقت نفسه كانت أعظم هبة لي. في ذلك الصباح كان هناك شيء مختلف في الأجواء لكنني لم أستطع تحديد ماهيته بدقة. بدا جاكسون أكثر توترا من المعتاد أثناء الإفطار.
كان يتفقد هاتفه باستمرار وعندما سألته إن كان كل شيء على ما يرام أجابني بإجابات مراوغة. توجهت إلى المكتب وأنا أشعر بقلق غريب. طوال الصباح وأنا أنهي إجراءات وثائق التأمين لم أستطع التخلص من هذا الشعور بالقلق. اتصلت بجاكسون لأرى إن كان بإمكاننا تناول الغداء معا لكن خطه كان مشغولا.
أثناء فرز بعض الملفات أدركت أنني نسيت وثائق مهمة في المنزل وثائق كنت أحتاجها بشدة لاجتماع بعد الظهر. لم يكن أمامي خيار سوى العودة بالسيارة لإحضارها. أخبرت مديري أنني بحاجة للخروج لمدة ساعة لأمر شخصي.
لم تستغرق رحلتي من المكتب إلى المنزل أكثر من 15 دقيقة. كنت أظن أنني سأدخل مسرعا وأحضر الأوراق وربما أتناول وجبة سريعة مع جاكسون ثم أعود إلى العمل. لكن الحياة تفسد أبسط خططنا. عندما وصلت إلى المنزل كان أول متوفره علي صفحه روايات و اقتباسات ما لفت انتباهي سيارة كارولين المركونة في مدخل منزلي.
استغربت ذلك فقد كانت تركن سيارتها دائما أمام منزلها المقابل مباشرة. فتحت الباب الأمامي بمفتاحي فغمرني الصمت على الفور. كان المنزل هادئا جدا لدرجة لا تسمح بوجود شخصين بداخله. كان جاكسون يستمع دائما إلى الموسيقى أثناء عمله ولو كانت كارولين تزورنا

1 2 3 4 5 6 7 8 9الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock