
أمي بعد ما أبويا مات
كانت صړخة من كل ما تبقى لها من حياة.
وعندها حدث ما لم أفهمه
تبعثرت الظلال في الغرفة كأن ريحا عڼيفة تشتتها وتراجعت الهيئة الداكنة إلى الخلف وبدأت تتلاشى صوتها يتحول إلى أنين ممتد لا يشبه البشر.
صړخ زوجي من الباب
أمسكي بيدي! اتركي الغرفة الآن!
لكن قبل أن أصل إليه قبل أن أبلع أنفاسي
عادت القلادة إلى الوميض.
ضوء واحد خاطف كأنه نبض قلب.
وفجأة ظهر وجه ماتيو داخل الضوء من جديد واضحا هذه المرة.
لم يكن غاضبا.
لم يكن مخيفا.
كان حزينا حزينا على نحو لا يوصف.
وبصوت خاڤت بالكاد مسموع قال
أنا لست وحدي.
ثم اختفى.
وهبط على الغرفة صمت ثقيل حتى عقارب الساعة توقفت متوفره على صفحه روايات واقتباسات حملني زوجي إلى الخارج وأغلق الباب ووضع ظهره عليه كأنه يمنع شيئا من الخروج.
أين لوسيا! صړخت.
أجاب وهو يلهث هي بخير مختبئة تحت الدرج. لكن علينا الخروج من هذا البيت الآن.
وقبل أن نتحرك من مكاننا صدر من الخلفمن داخل غرفة حماتيصوت رتيب منتظم يشبه شيئا يسحب على الأرض.
عيون زوجي اتسعت.
هذا ليس ماتيو.
ثم صوت آخر أعمق أثقل أشبه بالخطوات.
وهمست حماتي من داخل الغرفة صوتها بالكاد يسمع
أغلقوا الأبواب كلها
لقد فتحتم أكثر مما يجب
لم نجرؤ على التحرك. كان الصوت القادم من داخل الغرفة أشبه بما يصدر عن شيء يجر قدميه على الأرض لكنه لم يكن بشريا.
لم يعد ظلا فقط.
كان أثقل أبطأ وكأن شيئا آخر قد استيقظ مع القلادة.
نظرت إلى زوجي. كان وجههشاحبا يكاد يختفي لونه.
همس
أمي ماذا يوجد هناك معك
لم تجب.
كل ما سمعناه كان صوت تنفس متقطع ليس تنفس امرأة عجوز بل شيء آخر أقرب إلى زفير خشن يخرج من صدر فارغ.
اقترب الصوت من الباب.
تراجعت خطوة. أمسك زوجي بيدي بقوة.
وفجأة انطفأت جميع الأنوار.
الغرفة الممر الطابق كله سقط في ظلام ثقيل.
ثم
طرق واحد.
على باب غرفة النوم.
ليس طرقا بقبضة يد.
بل كأن أحدهم ضړب الباب بجسمه ثقيل وبارد.
ارتج الخشب تحت الضړبة.
صړخت
علينا الخروج الآن!
لكن زوجي تمسك بكتفي وقال بعينين متسعتين
إذا فتحنا أي باب خارجي الآن قد نسمح له بالخروج.
تلقائيا نظرت إلى السلالم إلى حيث تختبئ لوسيا تحت الدرج.
وإلى الباب الأمامي الذي creaked سابقا.
كان هناك شيء ما في البيت.
وإذا كان قد دخل فمنعه من الخروج يكون أسوأ من منعه من الدخول.
طرق آخر.
أقرب أقوى.
ثم صوت حماتك مخڼوق مټألم
لا تفتحي الباب
لم تكن تتحدث إلينا.
كانت تتحدث إلى ما خلف الباب.
وببطء بدأ المقبض يدور من الجهة الأخرى.
صړخت بلا وعي توقف!!
تجمد المقبض.
وساد صمت كامل. حتى النفس لم يجرؤ على الخروج من صدورنا.
ثم سمعنا صوتا خاڤتا ناعما أقرب إلى همس طفل
أختي
زوجي تجمد.
نظرت إليه.
نظر إلي بذهول وقال
بصوت يكاد لا يسمع
هكذا كان ماتيو يناديني عندما كنا صغارا.
شعرت ببرودة تسري في يدي.
ذلك الصوت لم يكن صوت كائن شرير.
كان صوت شخص يطلب شيئا أو يبحث عن أحد.
لكن خلفه خلف هذا النداءالطفولي كان هناك شيء آخر.
ثقل حضور لم يكن ينتمي لهذا العالم.
قال زوجي بارتجاف
ماتيو هل أنت أنت
الصوت أجاب بصوت أعمق هذه المرة مشوه
دعوني أخرج
ارتدت حماتي صړخة مفاجئة من الداخل ثم انقطع صوتها تماما.
قفز زوجي نحو المقبض يريد فتح الباب.
صړخت لا!!
لكن قبل أن ألمسه
صدر من خلف الباب صوت تمزق كأن شيئا يسحب بعيدا بقوة.
ثم ساد صمت مطبق.
تراجع زوجي خطوة إلى الوراء يدا على فمه.
أمي! صړخ.
لا جواب.
كل ما سمعناه
كان صوت القلادة على الأرض ترتطم بخشب الغرفةببطء.
مرة
ثم مرة أخرى
كأن أحدا يحركها بإصبعه.
وأخيرا توقفت.
ثم جاء صوت واحد همس بالكاد مسموع
لقد خرج
ارتعش قلبي.
خرج! هتفت. خرج من الغرفة! أم خرج من ماذا
لم تجئ أي إجابة وفي تلك اللحظة بالذات
سمع صرير الباب الأمامي مجددا.
ولكن هذه المرة لم يفتح
بل أغلق.
بقوة.
ثم خطوتان بطيئتان تبتعدان عبر الممر.
شعرت بأن الهواء تغير.
كأن شيئا ما مر بقربنا دون أن نراه.
زوجي شهق همسا
إنه ليس في الغرفة.
إنه يتحرك في البيت.
ثم صړخة لوسيا الحادة اخترقت صمت الطابق السفلي
ماماااااا!!
اندفعنا نحو السلالم فور سماع صړخة لوسيا.
كنت أركض دون أن أشعر بقدمي وزوجي خلفي ينادي ابنتنا باسمها. وصلنا إلى أسفل الدرج لنجد لوسيا واقفة ليست مصاپة بل مذهولة فقط وهي تشير بيد مرتعشة إلى الممر المؤدي للباب الأمامي.
ماما كان في حد هنا لكنه خرج.
ركض زوجي نحو الباب.
كان الباب مغلقا بإحكام والقفلمن الداخل
لم يكن هناك أثر لكسر ولا لوجود أحد.
وللوهلة الأولى ساد البيت صمت لطيف طبيعي
كأن شيئا ثقيلا كان يخيم عليناوغادر.
حملت لوسيا وهي تتشبث بي بينما زفرت زفرة طويلة.
سأل زوجي بصوت منخفض
هل هل ما زال هنا
قبل أن أجيب لاحظت شيئا صغيرا عند عتبة الباب
القلادة
هي نفسها لكنها الآن مغلقة بإحكام بلا ضوء بلا نبض.
والأغرب أنها كانت نظيفة لامعة كأنها غسلت من ظلال الماضي.
رفعها زوجي بيده وهو يتنهد براحة غريبة.
فجأة سمعنا صوتا ضعيفا من الأعلى صوت أمه.
صعدنا نركض. وجدناها مستلقية بهدوء عيناها نصف مفتوحتين لكنها لم تكن مذعورة ولا مرتجفة.
كانت تنظر إلينا بسلام كأن حملا ثقيلا أزيح عن صدرها لأول مرة منذ سنوات.
همست بصعوبة
ذهب لن يعود.
اقترب منها زوجي وأمسك يدها فابتسمت ابتسامة صغيرةأول ابتسامة منها منذ الحاډث الذي شلها.
خرجت من شفتيها كلمات خاڤتة
كان يبحث عن طريقه لا عن إيذائنا.
ثم أغمضت عينيها لا مۏتا بل نوما عميقا مطمئنا متوفره على صفحه روايات واقتباسات في تلك الليلة جلسنا نحن الثلاثة في غرفة المعيشة باب البيت مفتوحا على هواء الليل العليل.
لم نعد نشعر بالخۏف.
بل بالراحة كأن روحا ما كانت عالقة هنا لسنوات وأخيرا حررت.
قال زوجي وهو ينظر للسماء
ربما لم يكن ماتيو يريد الدخول
ربما كان يريد
الخروج فقط.
هززت رأسي موافقة بينما حضنت لوسيا التي كانت قد هدأت تماما.
وقفت أغلقت الباب برفق ووضعت القلادة في صندوقخشبي صغير.
وفي تلك اللحظة شعرت بشيء ما
خفيفا دافئا
يمر قرب كتفي كلمسة وداع.
ابتسمت دون خوف.
كانت النهاية
هادئة بسيطة.
فقد غادر الظل
وعاد البيت بيتا من جديد.





