
قالوا عنه عجوزًا… ولم يعرفوا كيف أنقذ روحي
أن أضع خطة واضحة
أطلب من زوجي جلسة حوار بلا اتهامات.
ألتزم بساعات العمل المكتوبة فقط.
أطلب من مكتب الرعاية أو الجهة التي رشحتني أن يضيف زيارة أسبوعية لممرضة أو أحد أفراد الجيران وقت وجودي حتى لا يبقى مجال للقيل والقال.
أضع كل شيء كتابيا مهامي ساعاتي وأي مشتريات تصرف لدون إرنستو بفاتورة واضحة.
وبالفعل بدأت أنفذ ذلك.
ذات مساء وجدت دون إرنستو متعبا أكثر من المعتاد. دخلت فوجدته جالسا على الدرج عصاه إلى جانبه. أسرعت نحوه قلبي يرتجف من الخوف عليه. قال مطمئنا
لا شيء خطير زلة صغيرة.
ساعدته على النهوض وأسندته إلى المقعد ثم نظفت خدشا بسيطا في ركبته بعناية واتبعت خطوات السلامة تعقيم ضماد ثم اتصال بالطبيب للاطمئنان إن لزم. قال وهو يراقبني
لم يعتن بي أحد هكذا منذ رحيل زوجتي. ليسلأنهم سيئون بل لأنهم لا يعرفون كيف يبقون. كلهم مستعجلون.
قلت بهدوء
الاستعجال يضيع الناس من بعض. وأنا تعلمت هنا أن النظام والرحمة يمشون سوا.
بعد ذلك اليوم قررت ألا أمكث وقتا أطول من اللازم. أعد ما يلزم أرتب الدواء أتابع سلامته ثم أغادر فور استقرار الأمور. كنت أحمي نفسي من الثرثرة وأحميه من سوء الفهم وأحمي بيتي من شروخ إضافية.
وفي الأسبوع التالي واجهت زوجي مواجهة هادئة. قلت له
مشكلتنا ليست شغل لورا عند رجل كبير. مشكلتنا أننا صرنا غرباء في نفس البيت. أنا تعبت من الصمت. بدي نحكي وبدي نرجع نعامل بعض باحترام. وإذا ما قدرنا وحدنا نطلب استشارة أسرية.
سكت طويلا. ثم قال
أنا كنت أتهرب. ما كنتش عارف أبدأ.
قلت ابدأ الآن. بس بلا اتهام وبلا كسر خواطر.
لم تكن معجزة تحدث في ليلة لكنشيءا بدأ يتحرك. صار زوجي يسأل يشارك ويحاولولو ببطء.
أما دون إرنستو فصار أكثر هدوءا لأن نظام حياته استقر. لم تعد أيامه تدار بالصدفة. صار له جدول واضح وبيته صار أكثر أمانا ونفسيته تحسنت لأنه شعر أنه ما زال يملك زمام حياته.
وذات يوم قالت روزا وهي تراقبني من بعيد
شكلك مرتبة الشغل بشكل رسمي
قلت بابتسامة محترمة
الرسمية تحفظ الناس. وبتحمي سمعة الجميع.
وهكذا بدأت الهمسات تخف. لأن الناس حين لا يجدون ثغرة يملون سريعا.
مرت شهور. في بيت دون إرنستو صارت الأيام أبسط قهوة كتب حديقة مواعيد واضحة وهدوء يشبه العلاج. وفي بيتي صارت هناك محاولات حقيقية لإعادة الدفء بالحلال جلسات كلام ترتيب مسؤوليات وقت للعائلة وقرارات واضحة.
وفي مساء هادئ قال لي دون إرنستو وهو ينظر إلى رف كتبه
أعدت إليالرغبة في أن أستيقظ لأنني صرت أستيقظ وفي يومي معنى. ليس لأن أحدا ينقذني بل لأنني أصبحت أشارك في إنقاذ نفسي.
ابتسمت وقلت
وأنت علمتني أن الهروب لا يداوي وأن كرامتي تبدأ من وضوح قراراتي.
تأخرت في ذلك اليوم لأن حالته احتاجت متابعة ثم غادرت فور استقرار الأمور. ومع الفجر وأنا أتذكره نائما بسلام عرفت أن اختياريمهما بدا صعباكان صادقا. تعلمت أن الحقيقة الهادئة وإن كانت مكلفة أقل قسوة من العيش وسط التباس يدمر السمعة والبيوت.
وها أنا اليوم أروي حكايتي بلا أقنعة ليست حكاية رومانسية ولا علاقة ممنوعة بل حكاية امرأة اكتشفت أن الرعاية مسؤولية وأن الحدود أمان وأن إصلاح البيت يحتاج شجاعة أكثر من أي هروب. أخطأت حين تركت الصمت يكبر في زواجي لكنني لم أخطئ حين قررت أن أضع الأشياء في مكانهاالصحيح.
وفي ذلك أجد سكينتي.





