قصص قصيرة

الملياردير الذي ركع في الشارع لأجل أمّه فغيّر حياة بائعة الطعام إلى الأبد

قال
ومع مرور الوقت عادت بعض الذكريات على شكل شظايا طريق سوق أبي يبيع اليام وماما هانا تغني وهي تطبخ.
ابتسم ابتسامة باهتة وسط الألم.
لكنني لم أتذكر ما يكفي لأبحث عنك.
سألت جيسيكا بهدوء
فكيف عرفت أنها ما زالت حية
التفت إليها جيري
مؤخرا أثناء مشروع عمل في بورت هاركورت تعرف أحد الرجال علي. رجل مسن. قال إنه رأى مرة أرملة تتسول الطعام تشبه والدي الراحل تماما. وأخبرني باسمها
ارتجف صوته
هانا ماما هانا.
غطت ماما هانا فمها مجددا تبكي بهدوء.
قال جيري
بحثت عنها في كل مكان في الأسواق في الشوارع تحت الجسور. كدت أفقد الأمل
ثم نظر إلى أمارا وعيناه عميقتان
إلى أن اكتشفت أنها كانت تأتي إلى هنا تأكل هنا وأنك كنت تعتنين بها.
شعرت أمارا بغصة في حلقها.
وقف جيري وساعد أمه على الوقوف أيضا ثم استدار نحو أمارا تماما المرأة التي أطعمت أمه وآوتها وتعاملت معها كأنها من أهل البيت.
قال بصوت لين
يا أمارا
ابتلعت ريقها
نعم
قال
أنت لم تعرفي من هي ومع ذلك أطعمتها كل يوم. منحتها بيتا. عاملتها كإنسانة.
اهتز صوته وهو يتابع
لقد أنقذت حياتها ولم تكوني حتى تعرفين ذلك.
امتلأت عينا أمارا بالدموع. تشبثت جيسيكا بيد أمها بقوة. وضع جيري يده على صدره
قلبي ممتلئ بسببك. لا أعرف كيف أرد لك هذا الجميل لكنني سأفعل.
همس بعض الناس بدهشة.
هذا جزاء الإحسان راجع لصاحبه تمتم أحدهم.
وفجأة قطع صرخة عالية تلك اللحظة
ماما هانا! تمسكي! لا تسقطي!
استدار الجميع.
كانت ماما هانا قد أمسكت صدرها. تنفسها تعثر. ارتخت ركبتيها. هرع جيري نحوها
ماما!
تحرك الحراس فورا. صاحت جيسيكا
لا لا أرجوكم لا تغمى عليها مرة أخرى!
وهناك تحت المظلة القديمة وبين رائحة المرق في الهواء والغبار الذي يدور حولهم سقطت ماما هانا مرة أخرى. هذه المرة بقوة أكبر وهذه المرة لم يكن أحد متأكدا إن كانت ستستفيق.
ابتلع الصمت الشارع بأكمله للحظات ثم انفجرت الصرخات.
ماما هانا! صرخ جيري وهو يمسك بأمه قبل أن تصطدم بالأرض.
شهقت جيسيكا تغطي فمها
ماما هي لا تتنفس جيدا.
أسرعت أمارا إلى الأمام لكن يديها كانتا ترتجفان بشدة حتى أنها لم تستطع لمس هانا.
يا إلهي يا إلهي أحدهم يساعدها!
حمل جيري أمه برفق وأسند رأسها. كان جسدها خفيفا جدا ضعيفا. عيناها تتقلبان وصدرها يكافح ليلتقط الهواء.
صرخ اتصلوا بالإسعاف!
أمسك الحراس بأجهزة اللاسلكي فورا. قال أحدهم
سيدي الفريق الطبي على بعد دقيقتين. سبق وأخطرناهم عندما أغمي عليها أول مرة. القافلة كانت مستعدة.
جيري أمه إليه صوته متحشرج
يا ماما أرجوك ابقي معي. لا تتركيني مرة أخرى. لقد وجدتك للتو.
هرعت بعض النساء من محلات قريبة ومعهن ماء بارد ومراوح يدوية وأقمشة. أمسكت جيسيكا بمروحة صغيرة تستخدم لفحم الشواء وبدأت تهوي وجه ماما هانا
أرجوك استيقظي لا تمو.تي أرجوك.
ركعت أمارا بجانبهما والدموع تهطل على خديها
يا رب ليس اليوم ليس بهذه الطريقة أرجوك.
ملأت رائحة المرق والدخان الجو ممتزجة بالخوف.
ترك الزبائن أطباقهم. هرول ميكانيكي من الورشة المجاورة ويداه مغطاتان بالزيت. حتى الأطفال توقفوا عن اللعب ووقفوا صامتين. بدا كأن الحي بأكمله يحبس أنفاسه.
ثم شق صوت صفارة إسعاف حاد الهواء.
التفت الجميع.
كانت سيارة إسعاف بيضاء تندفع نحوهم والغبار يتطاير خلفها. ما إن توقفت حتى قفز ثلاثة مسعفين حاملين نقالة.
افسحوا الطريق رجاء ابتعدوا صرخ أحدهم.
ناولهم جيري أمه بحذر لكن رأسها مالت جانبا فارتجف كأن أحدا طعنه.
بحذر أرجوكم إنها أمي.
طمأنه المسعف
سنعتني بها جيدا يا سيدي.
عمل المسعفون بسرعة فحصوا نبضها وضعوا قناع الأكسجين ضغطوا على صدرها ثم رفعوها إلى النقالة.
تشبثت جيسيكا بذراع أمها
ماما هل ستمو.ت
ابتلعت أمارا غصتها
لا يا صغيرتي لا. الله لن يسمح بذلك.
لكن صوتها لم يكن يؤمن بما تقول.
التفت جيري إلى أمارا وجيسيكا بعينين مليئتين بالخوف والامتنان
رجاء تعاليا معنا.
تجمدت أمارا
نحن لكن نحن لسنا من العائلة.
هز جيري رأسه صوته حازم لكنه لين
أنتم من العائلة. من يطعم أمي هو عائلتي.
سقطت الكلمات على قلب أمارا كأنها مطر دافئ. خلال ثوان أدخل المسعفون ماما هانا إلى سيارة الإسعاف. صعد جيري دون تردد. وقبل أن تعترض أمارا مد جيري يده إليها
اصعدي قال. لن تبقي هنا وحدك.
قاد الحراس أمارا وجيسيكا إلى سيارة الدفع الرباعي خلف الإسعاف مباشرة. هرع بعض الجيران يحملون هواتفهم يصرخون
إنهم يذهبون مع الملياردير! هل كل شيء بخير أمارا اتصلي بنا!
لكن أمارا بالكاد كانت تسمعهم وسط العاصفة التي تض.رب صد.رها.
ضغطت جيسيكا على أصابع أمها بينما يغلق باب السيارة
ماما أنا خائفة.
أمارا إليها
وأنا أيضا لكننا سنكون بخير.
تحركت القافلة. تقدمت سيارة الإسعاف في المقدمة وصفارتها تقطع صخب المدينة. تبعتها السيارات السوداء الثلاث عن قرب. الناس توقفوا في الطريق ليتفرجوا. انحرفت الدراجات جانبا. حرك رجال المرور أيديهم بتحية وهم يشاهدون الموكب يندفع مسرعا.
ألصقت جيسيكا وجهها بزجاج النافذة
ماما هل نحن نحلم
هزت أمارا رأسها
لا

يا حبيبتي هذه الحياة ترينا شيئا لم نتوقعه.
لم تستغرق الرحلة سوى دقائق قليلة لكنها بدت كأنها ساعات. أخيرا وصلوا إلى مستشفى خاص أبواب زجاجية أرضيات لامعة وحراس بزي أنيق. مكان لم تتخيل أمارا يوما أنها ستدخله زبونة فضلا عن أن تدخله ك ضيفة.
المسعفون أسرعوا بإدخال ماما هانا إلى الداخل. نزل جيري بخطوات ثابتة رغم ارتعاشه الداخلي. تبعته أمارا وجيسيكا عن قرب. في قسم الطوارئ تقدم طبيب مسرعا
ما الحالة
أجاب المسعف سريعا
امرأة مسنة أغمي عليها مرتين ألم في الصدر نبض ضعيف ربما انهيار من الصدمة.
هز الطبيب رأسه
أخلوا غرفة الطوارئ الآن.
دفعت الممرضات السرير عبر الأبواب المزدوجة.
وقف جيري يحدق في الباب حتى بعد أن أغلقوه. كتفاه متدليتان صدره يعلو ويهبط وكأنه يوجعه التنفس نفسه.
اقتربت أمارا منه
ستكون بخير إن شاء الله.
التفت إليها ببطء
أنا خائف. وجدتها الآن فقط لا أحتمل أن أفقدها مرة أخرى.
وضعت أمارا يدها بثبات على ذراعه
لديها سبب لتبقى لن ترحل.
لين شيء ما في عينيه. راقبتهم جيسيكا بصمت وشعرت أن شيئا قويا يحدث شيئا لا يشبه المصادفات العادية.
بعد ثلاثين دقيقة خرج الطبيب. هرع الجميع إليه.
دكتور كيف حالها سأل جيري بسرعة.
خلع الطبيب قفازيه وقال
هي مستقرة الآن. تمكنا من إعادتها للحالة الطبيعية.
أطلقت أمارا نفسا لم تكن تدري أنها تحبسه. صفقت جيسيكا بخفة والدموع على خديها. لكن الطبيب أكمل
أغمي عليها بسبب صدمة عاطفية. جسدها تحت ضغط منذ فترة طويلة جوع إنهاك صدمات نفسية. هي تحتاج إلى راحة وطعام وأمان.
هز جيري رأسه بسرعة
ستحصل على كل ذلك على كل ما تحتاجه.
ابتسم الطبيب بخفوت
كانت تردد اسمك عندما استيقظت.
تلألأت عينا جيري من جديد.
سألت جيسيكا
هل يمكننا رؤيتها
قال الطبيب
شخص واحد فقط الآن.
نظر جيري إلى أمارا ثم إلى جيسيكا ثم عاد إلى أمارا
يفضل أن تذهبي أنت قال بلطف. هي تثق بك. أنت من اعتنيت بها حين لم أكن موجودا.
هزت أمارا رأسها
لكنك ابنها يجب أن تدخل قبل الجميع.
اقترب جيري خطوة صوته هادئ لكنه حازم
ستفضل أن ترى الشخص الذي أطعمها والذي آواها والذي أعاد لها الابتسامة. ستفضل أن تراك أنت.
شعرت أمارا بغصة في حلقها. ضغطت جيسيكا على يدها
اذهبي يا ماما ماما هانا ستكون سعيدة برؤيتك.
بخطوات مرتجفة سارت أمارا نحو الغرفة. كان جيري يمشي إلى جانب جيسيكا وانحنى قليلا إلى مستواها
أمك امرأة نادرة يا جيسيكا همس. ليس كثيرون من الناس يفعلون ما فعلته.
أجابت بفخر
أعرف أريد أن أكون مثلها.
ابتسم جيري
وستكونين كذلك سأحرص على هذا.
رمشت جيسيكا بدهشة
تحرص على ماذا
تردد قليلا ثم قال
سأخبركما لاحقا.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock