
مليونير منع الضحك في قصره… حتى كسرت خادمة قاعدة واحدة وغيّرت كل شيء
في قصر عائلة هيل لم يكن الصمت أمرا عابرا
بل كان متقن الصنع
كان يسكن أرضيات الرخام المصقولة والجدران الزجاجية الشاهقة والأثاث المصطف بعناية كأن أحدا لم يخلق ليستعمله كان كل صوت يخفف وكل مخاطرة تقلص وكل تفصيل يحكم التحكم فيه كان المنزل يساوي ملايين الدولارات ومع ذلك بدا أشبه بمتحف بارد لا ببيت تعاش فيه الحياة
في قلب هذا الصمت كان التوأمان
إيثان وليو هيل كانا في الرابعة من عمرهما متطابقين في الملامح بشعر أشقر فاتح وعيون رمادية مائلة إلى الزرقة تلاحظ أكثر مما تظهر أينما ذهبا تحركا جنبا إلى جنب على كراسيهما المتحركة الصغيرة المصممة خصيصا لهما دائما في وضع مدروس ودائما تحت المراقبة
لم يضحكا قط
ولا مرة واحدة
كان الأطباء قد أكدوا منذ زمن أن الطفلين يتمتعان بصحة عقلية كاملة فضوليان ذكيان واعيان بكل ما يدور حولهما كانت حالتهما الجسدية تؤثر في ساقيهما لا في عقوليهما كان المعالجون يأتون يوميا والاختصاصيون يحضرون شهريا من أماكن بعيدة وكانت الأجهزة تحدث باستمرار
كل ما يمكن للمال أن يشتريه قد اشتري
كل شيء باستثناء الفرح
جوناثان هيل والدهما كان يحب ولديه حبا شديدا يلتهمه من الداخل كان مليونيرا صنع نفسه بنفسه بنى إمبراطوريته عبر توقع المشكلات قبل وقوعها في عالمه كان التحكم يعني الأمان وكان الأمان يعني الحب
الأرضيات المبتلة خطر
الحركات غير المتوقعة خطر
الضجيج تشتيت
الفوضىأمر غير مقبول
أما الفرح ذلك الفرح غير المتوقع الفوضوي فكان يبدو له مخاطرة لا يستطيع تحملها
وهكذا نشأ التوأمان في سكون تام
كان يشاد بهما لأنهما هادئان جدا وكان الزائرون يعلقون على مدى هدوئهما وكانت المربيات يصفنهما بأنهما طفلان سهلان وكان جوناثان يجد في ذلك طمأنينة فالصمت يعني أن كل شيء على ما يرام
لكن شيئا كان مفقودا
والشخص الوحيد الذي لاحظه كانت الخادمة
كان اسمها ماريا
عملت في منزل هيل ستة أشهر كانت تنظف الأرضيات وتطوي الملابس وتمسح آثار الأصابع عن الزجاج الذي لا يبدو أن أحدا يلمسه لم تكن تتكلم إلا إذا خوطبت وتعلمت سريعا كيف تتحرك دون أن تجذب الانتباه
لكن ماريا كانت تراقب
لاحظت كيف كان إيثان ينظر إلى ليو قبل أن يستجيب لأي شيء كأنه يتحقق أولا إن كان الشعور آمنا ولاحظت كيف كانت أصابع ليو تشتد على مسندي الكرسي حين ترتفع الأصوات فجأة ولاحظت أيضا كيف كان الطفلان كل مساء يحدقان عبر الأبواب الزجاجية في المسبح
لم يسمح لهما بالاقتراب منه أبدا
هناك متغيرات كثيرة قال جوناثان بحزم في المرة الأولى التي سألت فيها الأسطح المبتلة كرسيان متحركان المخاطرة لا تستحق
لذلك كانت ماريا تأخذهما كل مساء إلى حافة المسبح فقط
تضع كرسي إيثان من جهة وليو من الجهة الأخرى
تثبت المكابح بعناية وتعدل الوسائد وتتأكد من ثبات أقدامهما
ثم تتراجع خطوة
فيجلس الطفلان بهدوء يراقبان أشعة الشمس وهي تتموج فوق سطح الماء كأنه عالم آخر لا يخصهما
في أحد الأيام كان الحر خانقا بدا الهواء ثقيلا كأن المنزل نفسه يحبس أنفاسه غادر جوناثان باكرا إلى اجتماع جديد وذكر ماريا كعادته بالحفاظ على الهدوء
وضع التوأمان قرب المسبح كما في كل يوم
لكن ماريا بقيت واقفة أطول مما ينبغي
تذكرت طفولتها هي كيف كان الضحك يعد تهورا وكيف كان الصمت يعني الأمان وكيف تعلمت أن تكون غير مرئية قبل أن تتعلم أن تكون سعيدة
ببطء وضعت أدوات التنظيف جانبا
جثت بين الطفلين وقالت بصوت خافت
هل تعلمان أن الماء لا يهتم بكيفية حركتكما
نظر إليها الطفلان بدهشة فهما غير معتادين على أن يسألا
ارتدت ماريا القفازات الصفراء التي ما زالت في يديها وغمست يديها في المسبح رشت الماء برفق فارتسم تموج صغير على السطح
رمش إيثان
رشت مرة أخرى أقرب قليلا
مال ليو إلى الأمام في كرسيه وعيناه معلقتان بالماء راجعت ماريا الكرسيين مرة أخرى المكابح مثبتة الوضع مستقر ثم وجهت يد ليو برفق
لامست أطراف أصابعه الماء
استنشق ليو نفسا حادا
ثم حدث أمر لم يكن أحد يتوقعه
خرج منه صوت
ضحكة
كانت صغيرة مفاجئة كأنه لم يتعرف عليها بنفسه
حدق إيثان في أخيه بعينين متسعتين
ثم ضحك إيثان أيضا
تجمدت ماريا في مكانها
للحظة اجتاحها الخوف خوف من أنها تجاوزت حدا وكسرت قاعدة غير مكتوبة لكن التوأمين مدا أيديهما نحو الماء مرة أخرى تتحركان معا والضحك يزداد قوة مع كل رشة
كان الصوت في البداية مترددا هشا كعضلة تستعمل للمرة الأولى ثم ملأ المكان وارتد عن جدران القصر عاليا بما يكفي ليكسر سنوات من الصمت
وفي تلك اللحظة انفتح الباب الزجاجي المنزلق
خرج جوناثان هيل وهو في منتصف مكالمة هاتفية ثم توقف
حدق
في ولديه
وهما يضحكان
سقط الهاتف من يده ثم سقطت حقيبته وارتطمت بالأرض بصوت خافت لم يسمعه
قال بصوت مكسور
لم أسمع هذا من قبل لم أسمعه أبدا
وقفت ماريا سريعا
سيدي كنت حذرة الكرسيان مثبتان راجعت كل شيء
رفع جوناثان يده المرتجفة
أرجوك همس لا توقفيهما
تقدم ببطء وجثا أمام الطفلين ليكون في مستوى أعينهما
قال غير مصدق
أنتما تضحكان
مد ليو يده وأمسك بكم قميص أبيه واقترب إيثان أكثر وهو ما يزال يبتسم
في تلك اللحظة انكسر شيء في داخل جوناثان
الرجل الذي تحكم في أدق تفاصيل حياته أدرك أخيرا الشيء الوحيد الذي حاول منعه أكثر مما ينبغي لف ذراعيه حول الطفلين بحذر ووعي بالكرسيين وبكى علنا قرب المسبح
لا حزنا
بل فهما
في تلك الليلة بدا القصر مختلفا حقا كأنه استيقظ من نوم طويل
لم يعد الصمت هو السيد المطلق كانت الموسيقى تنساب بهدوء في الخلفية لا لتملأ الفراغ فحسب بل لتكسر ذلك التوتر الخفي الذي عاش في الجدران سنوات طويلة الأبواب التي كانت تغلق دوما بإحكام تركت مفتوحة





