
العوده من المجهول
شعرت ليلى بانقباض حاد في صدرها.
«دكتورة… ما الأمر؟»
لم تُجب الطبيبة مباشرة.
التقطت الهاتف وقالت بصوت ثابت:
«نحتاج إلى سيارة إسعاف فورًا. طفلة في الثامنة من عمرها. اشتباه بتعرّض لمادة سامة.»
تجمّد الدم في عروق ليلى.
تسمّم؟
نظرت إلى ابنتها الصغيرة الممدّدة على السرير، والدموع تلمع في عينيها.
«ماذا يحدث؟» قالت ليلى بصوت مرتجف.
انحنت الطبيبة بجانب ريم وقالت بلطف:
«حبيبتي، هل تناولتِ أي دواء؟ هل أعطاكِ أحد شيئًا لتبتلعيه؟»
ارتجفت شفتا ريم، وضمت دميتها إلى صدرها وهمست:
«سامي… أعطاني حبوبًا. كانت مُرّة. قال لي لا أخبركِ… حتى لا تقلقي.»
كانت الكلمات كالسكاكين في صدر ليلى.
حبوب؟
ولماذا يطلب منها إخفاء الأمر؟
ارتجفت يداها وهي تضمّ ريم بقوة. دوّى صوت الإسعاف في الخارج، وأضاءت الأضواء الزرقاء نوافذ غرفة الفحص.
بدت ممرات المستشفى طويلة لا تنتهي. تحرّك الأطباء والممرضون بسرعة، وأصواتهم متوترة.
كانت ليلى تريد الصراخ، لكنها لم تستطع.
قال أحد الأطباء لاحقًا بصوت منخفض:
«التصوير أظهر مؤشرات على تضرر المعدة والكبد. هذا ليس ألمًا عاديًا. نحتاج إلى فحوصات سمّية كاملة لمعرفة المادة التي تم ابتلاعها.»
استندت ليلى إلى الحائط بصعوبة.
خلال ساعات فقط، تحوّل ألم بسيط إلى خطر حقيقي.
وأثناء جلوسها في غرفة الانتظار، وصلتها رسالة على هاتفها.
من سامي.
هل كل شيء بخير؟ عدتُ إلى البيت. كيف ريم؟
ارتجفت يدها، وغمرها غضب صامت.
كيف يتصرّف وكأن شيئًا لم يحدث؟
بعد قليل، خرجت الطبيبة بملامح جادّة.
«حالة ابنتك مستقرة حاليًا، لكننا نشتبه بشدة في ابتلاع مادة سامة. سنضطر لإبلاغ الجهات المختصة فورًا.»
ترددت عبارة الجهات المختصة في رأس ليلى بقوة.
لم يعد الأمر مجرد مرض…
بل خيانة.
وقفت خلف الزجاج تراقب ريم نائمة، موصولة بالأجهزة.
وانكسر قلبها.
في تلك اللحظة، اتخذت ليلى قرارًا نهائيًا:
لن تسمح لسامي بالاقتراب من ابنتها مرة أخرى.
مهما كانت الحقيقة، ستكشفها كاملة.
لقد بدأ الكابوس للتو.
لكن شيئًا واحدًا كان مؤكدًا —
لم تعد ليلى تلك المرأة المطمئنة.
أصبحت أمًا مستعدة لفعل أي شيء لحماية ابنتها، مهما كان الثمن
—





