منوعات

نجم غنائي صاعد إلى داعية تهدي ابتسامته القلوب حكاية الشيخ محمود المصري

في أوائل التسعينات وتحديدا عام 1991 كان شاب مصري في مقتبل العمر يسعى بكل طاقته أن يصنع لنفسه اسما في عالم الفن لم يكن مجرد هاو يغني ليقضي وقته أو يلفت أنظار بعض المعجبين في جلسات صغيرة بل كان مشروع نجم حقيقي صوته عذب وإحساسه صادق وقدرته على كتابة الكلمات وتلحينها جعلته مختلفا عن معظم أبناء جيله. ذلك الشاب الذي كان يقف على يمين الصورة التي التقطت له في تلك الفترة كان واحدا من ألمع الأسماء الصاعدة التي علقت عليها شركات الإنتاج آمالا عريضة وكان صديق عمره المطرب الشاب وقتها عمرو دياب يخطط معه لإطلاق شريط غنائي مشترك يحدث ضجة ويغير خريطة الأغنية المصرية. كان الاثنان يقضيان ساعات طويلة معا يتبادلان الأفكار يعزفان على العود والجيتار يحلمان بيوم يقفانفيه سويا على أكبر المسارح وتصدح أصوات الجماهير بأغانيهما.
ذلك الشاب لم يكن مجرد صوت جميل بل كان قلبا مليئا بالحياة والبهجة كان يحب المزاح ويضحك من قلبه وكانت أحلامه أكبر من سنه. كل من قابله كان يدرك أن أمامه مستقبلا واعدا في عالم الغناء. ومع ذلك كانت في داخله حيرة لم يفصح عنها لكثيرين حيرة بين الطريق الذي يسلكه وبين ما يشعر به أحيانا من صوت داخلي يدعوه إلى شيء مختلف شيء أعمق من الشهرة والأضواء. ربما كان ذلك أثر تربية صالحة أو دعاء أم سهرت الليالي تناجي ربها أن يحفظ ابنها من فتنة الدنيا أو ربما كانت تلك اللمعة التي يضعها الله في قلوب بعض عباده ليهيئهم لرحلة هداية مدهشة.
وبينما كان على وشك أن يضع قدمه الأولى على سلم الشهرة الكبير إذ كان قد انتهى تقريبا من تسجيل أغاني شريطه الغنائي الأول حدث ما لم يكن في الحسبان. في لحظة صفاء شعر أن عليه أن يتوقف أن يتأمل الطريق الذي يسير فيه. كان يسأل نفسه هل خلقت لأكون مجرد مطرب يغني للناس أم أن الله وهبني هذا الصوت لأمر أعظم كانت تلك الأسئلة تتصارع داخله ولم يكن يجد لها إجابة. لكن شيئا في قلبه كان يزداد قوة يوما بعد يوم حتى جاء القرار. قرار لم يكن سهلا على شاب في مثل عمره في وسط فني مليء بالإغراءات والوعود. لكنه قالها بقوة لقد تبت إلى الله ولن أستخدم صوتي إلا فيما يرضيه.
ومنذ تلك اللحظة تغيرت حياته تماما. لم يصدر شريطه الغنائي وأغلق الباب الذي كان على وشك أن يفتح له الدنيا بكل زينتها. بدلا من ذلك اتجه ليستخدم صوته في الأناشيد الدينية ينشد في حب الله ورسوله وفي الدعوة إلى مكارم الأخلاق. لكن الله تعالى أراد له اختبارا أصعب. إذ ابتلاه بورم في الأحبال الصوتية جعله غير قادر على الغناء تماما
لا دنيا ولا دين لا أغنية ولا أنشودة. كان ذلك بمثابة صدمة كبرى لكنه لم يستسلم. لم يقل لقد حرمت من الغناء إذن فلأعد إلى ما كنت عليه. بالعكس اعتبر ذلك رسالة من الله أنه قد اختاره لطريق آخر طريق لا يحتاج فيه إلى صوته بل إلى قلبه وعقله ولسانه.
ومن هنا بدأ مشوار جديد لم يكن يتوقعه أحد حتى هو نفسه. اتجه إلى القرآن الكريم يحفظ آياته ليل نهار يقرأ التفاسير يغوص في بحور العلم الشرعي ويجلس بين العلماء يتعلم. وكلما ازداد علما ازداد تواضعا وكلما ازداد قربا من كتاب الله ازداد حبا للناس ورحمة بهم. وصار وجهه الذي اعتاد الناس

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock