
طفلة أرسلت رسالة إلى رقمٍ خاطئ… فأنقذت حياة أمها وغيّرت مصير رجلٍ كامل
يعرفه تحسس نبضها ضعيف ثابت
خطوات ثقيلة في الممر
صوت رجل مثقل بالكحول يطلق تهديدات تملأ البيت كالدخان
أعلم أنك هنا أيتها القذرة الصغيرة!
وقف ماتيو في رأسه لم تكن هناك حسابات عمل ولا خرائط نفوذ كانت هناك فكرة واحدة فقط ليس مرة أخرى ليس طفلة أخرى
ظهر الرجل في نهاية الممر ضخم مترنح عيناه محمرتان يداه ملطختان توقف عندما رأى ماتيو وارتبك كأن الواقع ثقيل عليه
من أنت بحق الجحيم زمجر اخرج من بيتي!
نظر إليه ماتيو من أعلى إلى أسفل لم ينظر بغضب بل بتقييم بارد يخصص للتهديدات خطا الرجل خطوة ورفع قبضتيه
قلت لك اخرج
في لحظة تحرك ماتيو كان سريعا نظيفا مرعبا انتهى الرجل على الأرض يلهث ويد ماتيو قابضة على عنقه بالقدر الكافي ليفهمه أن النهاية خيار مطروح
اسمع همس ماتيو وكانت نبرته هادئة ما جعلها أسوأ أين الطفلة
حاول الرجل الإنكار تمتم بالأعذار شد ماتيو قبضته قليلا لا بدافع المتعة بل بدقة
إيما ثماني سنوات أين هي
بدا أن الاسم اخترق أخيرا عقله المثقل بالكحول تغير وجهه لا إلى ندم بل إلى خوف من انكشاف الأمر
في الأعلى على الأرجح سعل انظر الأمر سوء فهم سارة صديقتي هي طلبت مني أن أؤدبها
أؤدبها
تلك الكلمة أشعلت شيئا مظلما في ماتيو ثم من الأعلى جاء صوت صغير مكسور
مات هل أنت هنا
شعر ماتيو بأن الجدار الذي بناه طوال عقود يتصدع بصوت صامت
أنا هنا يا إيما قال وهو ينظر نحو الدرج أنت بأمان الآن
كانت خطوات إيما على الدرج خفيفة ومرتجفة ظهرت كطيف بيجاما عليها وحيدات قرن شعر أشعث عينان واسعتان لا ينبغي أن تكونا قد رأتا ما رأتا نظرت إليه كأنه حقيقي فقط لأنها تحتاجه أن يكون حقيقيا
شكرا لأنك جئت همست
كانت تلك الكلمات أشد إيلاما من أي رصاصة لأنه لم يكن فيها طلب ولا تلاعب كان فيها إيمان
اتخذ ماتيو قرارا في تلك اللحظة لن يكون هناك عنف أمام تلك الطفلة لن يمنحها ذكرى دموية أخرى
جر الرجل إلى المطبخ بعيدا عن نظر إيما وأغلق الباب تحت ضوء فلوري وامض فقد المعتدي كل ادعاءاته
لم أقصد أن يصل الأمر إلى هذا الحد قال مرتجفا
دفعه ماتيو إلى سطح المطبخ دون أن يرفع صوته
لديك ثلاثون ثانية لتشرح
أطلق الرجل سيلا من الأعذار أن سارة محطمة منذ وفاة زوجها وأن إيما صعبة وأنه كان يحاول المساعدة وأن الليلة خرجت عن السيطرة وأن لديه مذكرات توقيف وأنه إن جاءت الشرطة فسيعود إلى السجن
استمع إليه ماتيو كما يستمع إلى تقرير تابع دون مقاطعة مسجلا كل تفصيل وكلما تحدث الرجل ازداد النمط وضوحا لم يكن حادثا كان مفترسا يتدرج
من غرفة الجلوس كان يسمع صوت إيما تحدث أمها الفاقدة للوعي بحنان يمزق القلب تعدها بالآيس كريم ترجوها أن تستيقظ وتخبرها أن رجلا طيبا قد جاء
أغمض ماتيو عينيه لحظة في ذهنه إيزابيلا على سرير المستشفى إيزابيلا تطلب وعدا إيزابيلا تموت وهو يقسم أن يساعد الأطفال الخائفين
فتح عينيه
هذا ما سيحدث قال ماتيو وتغيرت نبرته لم تعد تهديدا مندفعا بل حكما ستخرج من الباب الخلفي تختفي من هذه المدينة لا تقترب من سارة لا تقترب من إيما لا اليوم ولا أبدا
ابتلع الرجل ريقه وللمرة الأولى بدا عليه الارتياح
إلى أن انحنى ماتيو وخفض صوته إلى أخطر مستوى على الإطلاق المستوى الهادئ
لكن إن علمت يوما أنك وضعت يدك على امرأة أخرى أو طفل آخر إن ظهر اسمك مجددا في أي تقرير سأعثر عليك وما سأفعله سيجعل هذه الليلة تبدو كإحسان
هز الرجل رأسه بجنون
منحه ماتيو أربعا وعشرين ساعة أطلق سراحه لا شفقة بل لأن قتله كان سيعني العودة إلى المعتاد إغلاق مشكلة بالدم في تلك الليلة وللمرة الأولى اختار ماتيو عدالة مختلفة عدالة تحمي دون أن تجعل إيما شاهدة على الرعب
بعد أن غادر الرجل طلب ماتيو رقما
إليزابيث قال عندما رد صوت ناعس أحتاج إلى خدمة امرأة مصابة بصدمة في الرأس أحتاجك أن تأتي دون أسئلة دون شرطة
أين أنت
أعطاها العنوان أغلق الخط وعاد إلى غرفة الجلوس
كانت إيما على الأريكة تمسك يد أمها بقوة كأنها تثبتها بالحياة نظرت إلى ماتيو بعينين محمرتين لكن ثابتتين
هل ذهب
ذهب أكد ماتيو ولن يعود
ركع إلى مستواها عن قرب كانت إيما تفوح منها رائحة صابون رخيص وخوف
ستأتي طبيبة قال وستعتني بأمك
حدقته إيما لحظات كأنها تحاول فهم لغز
مات لماذا جئت أنت لا تعرفنا حتى
شعر ماتيو أن السؤال فتح بابا إلى حقيقة تهرب منها لعقود بحث عن كلمات بسيطة لأن الأطفال يستحقون حقائق غير معقدة
لأن شخصا مهما جدا طلب مني ذات مرة أن أساعد الأطفال عندما يخافون
من هو
أختي اسمها إيزابيلا
فكرت إيما بوقار كأنها تقرر أين ستحتفظ بذلك الاسم إلى الأبد
لا بد أنها كانت طيبة جدا
كانت كذلك قال ماتيو وانكسر صوته قليلا كانت الأفضل
مدت إيما يدها الصغيرة وضغطت على يده كان اللمس انفجارا صامتا في إيماءة واحدة تذكر الرجل الذي عاش بين التهديدات والظلال ما معنى أن يكون إنسانا
أنا سعيدة لأنك وفيت بوعدك قالت إيما وكأن الأمر أبسط ما يكون
أضاءت أضواء سيارة النافذة دخلت الطبيبة إليزابيث تشن بهدوء ومعها حقيبة فحصت سارة أعطت التعليمات ثبتت حالتها وخلال دقائق لم يعد المنزل مجرد فوضى بل مكانا يمكن للأمل أن يتنفس فيه
في تلك الليلة حين بدأ كل شيء يهدأ خرج ماتيو إلى الشرفة واتصل بنائبه
فينسنت قال أريدك أن تنشئ صندوقا مجهولا دراسة معيشة كل ما تحتاجه طفلة و أفرغ جدولي
سيدي ماذا يحدث
نظر ماتيو نحو غرفة الجلوس حيث لم تترك إيما يد أمها ومع ذلك بدت أخف لأنها لم تعد وحدها
أنفذ وعدا أجاب وأحتاج وقتا لأمور شخصية
أنهى المكالمة وبقي لحظة تحت المطر الخفيف للمرة الأولى منذ عقود لم يشعر أن القوة تملؤه شعر أن القوة بلا حب سجن أنيق
بعد ستة أشهر كانت إيما تقف أمام نافذة غرفتها الجديدة وقت الغروب تراقب العالم كمن يتأكد أن ما يراه ليس حلما عابرا الزجاج نظيف والستائر لا تحمل رائحة دخان والأرضية لا تصدر صريرا يذكرها بخطوات غاضبة في الخارج حي آمن كما وعدها ماتيو أشجار تصفق أوراقها للهواء مصابيح شارع لا ترتعش وحدائق صغيرة يركض فيها الأطفال بلا التفات مذعور ضحكاتهم تصلها صافية لا تقطع بصرخة ولا بإغلاق باب بعنف كأن الضحك هنا حق يومي لا منحة مؤقتة
كانت سارة وقد استعادت عافيتها على مهل وبثمن ثقيل تتحرك في المطبخ بثبات لم تعرفه





