منوعات

نجم غنائي صاعد إلى داعية تهدي ابتسامته القلوب حكاية الشيخ محمود المصري

أن يرونه مبتسما أكثر إشراقا بنور الإيمان. ومنحه الله القبول بين الشباب والكبار فصار داعية محبوبا يتحدث بأسلوب بسيط قريب من القلب يشرح الدين بعبارات يفهمها الجميع يضرب الأمثلة من الحياة اليومية ويبتعد عن التعقيد والتنفير.
ذاع صيته في كل مكان لم تعد شهرته في الفن بل صارت شهرته في الدعوة إلى الله. آلاف الشباب اهتدوا بكلماته بكى الكثيرون في خطبه ورأوا فيه قدوة حية لشاب ترك الدنيا بما فيها من بريق واختار الآخرة. صار الشيخ محمود المصري صاحب البسمة اسما يعرفه كل بيت.
مرت السنوات وذات يوم وبعد نحو خمسة عشر عاما من تلك التوبة كان في إحدى رحلاته بالطائرة. جلس في مقعده يتأمل في نعم الله عليه يتذكر بداياته ويتأمل كيف دارت به الأيام. وفجأة وقعت عيناه على رجل يقف عند باب الطائرة ملامحه مألوفة جدا قلبه خفق بشدة إنه صديقه القديم رفيق الأحلام الماضية عمرو دياب.
لم يره منذ أن افترقا منذ أن سلك كل منهما طريقا مختلفا هو إلى الدعوة وطلب العلم والآخر إلى الغناء والشهرة العالمية. وقف الشيخ محمود من مكانه ومشى بخطوات مترددة نحو صديقه القديم. وعندما اقترب سلم عليه بابتسامة عريضة لكن عمرو نظر إليه باستغراب. لم يعرفه.
ابتسم الشيخ محمود وقال ألا تعرفني
رد عمرو والله لا أعرف حضرتك تعرفني
ابتسم الشيخ أكثر وقال وهل يخفى القمر أنا صديقك القديم محمود المصري قد من الله علي وهداني إليه.
تغيرت ملامح عمرو في لحظة تذكر كل شيء واندفع يعانقه بحرارة وكأن السنوات الطويلة التي فرقت بينهما ذابت في لحظة لقاء. تحدثا سويا تبادلا الذكريات ضحكا قليلا وتأملا كثيرا. لم يطل اللقاء لكن أثره كان عميقا.
وعندما هم الشيخ بالانصراف دعا له بدعاء عظيم دعاء عبد الله بن مسعود للمغني زاذان ما أحسن هذا الصوت لو كان بالقرآن. ثم مضى في طريقه بينما اندفع الناس نحوه يلقون عليه التحية يطلبون الدعاء يبتسمون له بإجلال.
نظر عمرو بدهشة إلى المشهد لم يعتد أن يرى مثل هذا الإقبال على شخص غيره. فسأل مضيفة الطائرة
باستغراب هل هذا الشيخ مشهور أجابته بثقة نعم ومن لا يعرف الشيخ محمود المصري في العالم العربي
ابتسم عمرو متعجبا من مفارقات الزمان. كيف تحول صديقه الذي كان ينافسه على درب الغناء إلى داعية يهتف باسمه الناس في كل مكان وكيف أن الطريق الذي كان يبدو صعبا وشاقا هو الذي جلب له محبة الناس الحقيقية واحترامهم
وهكذا يضرب الله الأمثال لعباده. فلا الهداية مرتبطة بموهبة ولا بشهرة ولا بمكانة دنيوية. إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
إن القصة لم تنته هنا بل بدأت منها دروس عظيمة. فالشاب الذي كان يتوقع له أن يكون نجم الغناء الأول في مصر أصبح بفضل الله داعية يهتدي بكلماته الشباب. والمړض الذي كان يمكن أن يكون نهاية موهبته أصبح بداية لرحلة إيمانية أعمق. والصداقة القديمة التي فرقها اختلاف الطريق جمعها القدر على باب طائرة ليذكر كل واحد منهما أن الدنيا زائلة وأن البقاء لمن يرضى الله عنه.
كم من شاب اليوم ينظر إلى أهل المعاصي باحتقار وينسى أن الله قادر أن يقلب القلوب في لحظة وكم من شاب في المعصية يتمنى لو أن أحدا مد له يد الرحمة بدلا من لسان السباب العبرة ليست في الماضي بل في الخاتمة.
تلك القصة تعلمنا أن ندعو لإخواننا بالهداية لا أن نلعنهم. فربما يكون اليوم في معصية وغدا في طاعة وربما
يكون اليوم مغنيا أو ممثلا أو حتى بعيدا كل البعد عن الدين ثم يفتح الله على قلبه فيصبح من أعلام الدعوة والعلم. من كان يصدق أن الشاب محمود الذي كان يستعد لاقټحام عالم الأضواء سيكون بعد سنوات قليلة الشيخ محمود المصري الذي يملأ قلوب الملايين بالقرآن والذكر
إنها مفارقات الزمان وعجائب القدر التي لا يخطئها من يتأمل. ولو تأملنا نحن حياتنا لوجدنا فيها رسائل مشابهة. رسالة تقول لنا لا تغتر بالدنيا ولا تيأس من رحمة الله. رسالة تقول لنا الهداية بيد الله فلا تستبعد أن يهدي الله من كان أبعد الناس. ورسالة تقول إنك إن تركت شيئا لله عوضك الله خيرا منه.
فالشيخ محمود ترك الغناء لله فأعطاه الله محبة الناس. وترك الشهرة الدنيوية فأعطاه الله شهرة أبدية في قلوب المؤمنين. وابتلاه بالمړض فعوضه بنور العلم. فهل بعد هذا من عظة
اللهم ردنا إليك ردا جميلا وثبت قلوبنا على دينك واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وتوفنا وأنت راض عنا يا كريم.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock