قصص قصيرة

قـال عنـها خـادمة مجنـونة ولـم يـكن يـعلم مـن أنـا

اتصلتُ بالإسعاف من أجل إلينا—ليس بسبب إصابات ظاهرة، بل لأن الإهمال يترك جروحًا لا تُرى. وبينما كنا ننتظر، بدأ دانيال يختلق الأعذار، كما يفعل الجميع حين يُحاصرون.
قال وهو يشير إليها:
«إنتِ مش فاهمة العيشة مع واحدة زي دي صعبة إزاي. رفضت تشتغل. بقت مش متزنة.»
أجبته:
«بطّلت تشتغل عشان إنت عزلتها. قطعت عنها الفلوس، متــوفرة عــلي صفحـــة روايــات و اقتباســات والتليفون، وصحابها. ده مش حب… ده تحكّم.»
أمسكت المرأة بحقيبتها وقالت:
«أنا ماليش دعوة باللي بيحصل ده.»
قلت من غير ما أبصّ لها:
«إنتِ اخترتي غلط المكان اللي تتعلمي فيه الدرس ده.»
وصل المسعفون، وضغطت إلينا على يدي وهمست:
«كنت فاكرة محدش هييجي.»
قلت لها:
«أنا دايمًا باجي… بس اتأخرت عشان وثقت في الشخص الغلط.»
بعد ذلك، تحرك كل شيء بسرعة. أمر منع مؤقت. تجميد حسابات. حصر ممتلكات. حاول دانيال الاتصال بمعارفه، لكن سمعته اڼهارت في ليلة واحدة. المستندات روت القصة كاملة—رسائل، تحويلات، أكاذيب. كل شيء كان واضحًا.
تعافي إلينا استغرق وقتًا. الصدمة لا تزول بالأوراق. عدنا نتحدث عن العمارة. عن مشاريع صغيرة. بدايات جديدة. علاج نفسي. تعلمتُ أن أستمع دون استعجال.
بعد شهر، طلب دانيال أن نلتقي.
قال:
«عايز أصلّح اللي حصل. ممكن أتغير.»
قلت:
«لا. إنت بس عايز تهرب من العواقب.»
كانت المحاكمة هادئة. شهدت إلينا بهدوء، لا بدافع الاڼتقام، بل من أجل الحقيقة. تحدث القاضي عن الكرامة، والمسؤولية، والحدود. خسر دانيال المنزل، وأُجبر على تعويضها.
عندما عدنا إلى البيت، توقفت إلينا عند الباب وقالت:
«أنا نمت هنا.»
وأشارت إلى عتبة الباب.
قلت لها:
«هتدخلي المرة دي وإنتِ واقفة على رجلك.»
غيّرنا الأقفال. تخلّصنا من السجادة. فتحنا النوافذ. لم يكن هناك احتفال—فقط راحة… وأمان.
بعد شهور، متــوفرة عــلي صفحـــة روايــات و اقتباســات عادت إلينا إلى عملها. مكتب صغير. مشاريع صادقة. اختارت ألا ترحل—قصتها لن تطردها.
وفي أحد الأيام اتصلت بي بسعادة:
«خدت المشروع. صغير، بس بتاعي.»
ابتسمتُ—ليس من أجل المشروع، بل من أجل نبرة صوتها.
اختفى دانيال من حياتنا—ليس لأنه هرب، بل لأنه فقد قوته. وحين تختفي القوة، يختفي الضجيج.
تتحدث إلينا الآن علنًا عن الإساءة الاقتصادية. بهدوء. دون أسماء. عن العزل، والعقود، والسيطرة. أجلس في الجمهور، فخورة.
بعد إحدى المحاضرات، اقتربت منها شابة وقالت:
«شكرًا… النهارده فهمت إني مش ببالغ.»
كان ذلك هو الختام الحقيقي.
ليس البيت.
ولا المحاكمة.
بل تلك الجملة.
هذا يحدث أكثر مما نعتقد.
الإساءة ليست دائمًا كدمات.
أحيانًا تكون صمتًا… وسيطرة… وعتبة باب.
إن كنت تعرف أحدًا يعيش هذا الواقع، لا تُدر وجهك.
وإن كنت أنت—فأنت لست وحدك..

النهـــايـة 

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock